• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التعليم المطور والسبورات الإلكترونية التفاعلية الذكية

عبد الرزاق طفيل محمد

التعليم المطور والسبورات الإلكترونية التفاعلية الذكية

غزت أسواقنا الأجهزة الإلكترونية ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي حتى بات شغفنا محصوراً في اقتناء الموديلات الأحدث والأكثر تطوراً من تلك الأجهزة، وفي مجال التربية والتعليم والرغبة في مسايرة ركب التطور والتقدم الحضاري وتقديم العلم لتلاميذنا وطلابنا بأحدث الأوعية والوسائل المتداولة في الدول الراقية، بدئنا الاهتمام بالسبورات الإلكترونية والتفاعلية الذكية. تطور السبورات لم يتم بين ليلة وضحاها، إنما بدأ زحفها وغزوها لمجال التعليم منذ فترة طويلة من الزمن تعود بداياتها إلى ما قبل القرن الحادي عشر، عندما كانت المدارس في الهند القديمة تستخدم طبقة مستوية من حجر الإردواز  Slate (للكتابة بوساطة قطع من الأحجار الكلسية (طباشير)، وذلك حسب ما ذكره  البيروني  في كتابه عن (تاريخ الهند) الذي كتبه في أوائل القرن الحادي عشر).

أما في أوروبا، فقد بدأ استخدامها في القرن السادس عشر، واستمر الحال على هذا المنوال بين بلدان العالم، حيث بدأ التعديل والتغيير يظهر أثره على السبورات، ففي عام 1739 م ظهر اسم "السبورة السوداء   blackboard" كمصطلح لغوي في قاموس أكسفورد الإنكليزي، وأصبحت السبورات ليس بالضرورة تصنع من حجر الإردواز، كما كانت سابقاً، وأصبحت أي سطح مستوي من معدن أو خشب يفي بالغرض المطلوب بعد صبغه باللون الأسود، وبأحجام مختلفة، حسب مقامها من الاستعمال.

وفي بدايات القرن التاسع عشر، أدخل مصطلح "سبورة الطباشير  chalkboard" جنباً إلى جنب السبورة السوداء، ومع بزوغ القرن العشرين، وظهور حركات التحرر في المستعمرات، اقتصر اسم السبورة السوداء فقط في اللغة الإنكليزية لأمريكا الشمالية دون سواها والتي كانت قد عرفت السبورة في نظامها التعليمي منذ 1801 م والتي تم إدخالها إليها من أوروبا في الكلية العسكرية (ويست بوينت – بنيويورك) حيث استخدمها  "جورج بارون" معلم الرياضيات الإنجليزي لأول مرة بالكتابة بوساطة أصابع من الطباشير الأبيض والطباشير الملوّن، والتي اخترعها زميله المعلم الاسكتلندي (جيمس بيلان) سنة 1814 م، من كبريتات الكالسيوم اللامائية المعروفة بالجبس مع كربونات الكالسيوم، ومن دون أن يستخدم الحجر الجيري في صناعتها.

  حسنات وسيئات الطباشير  بالمقارنة مع أقلام السبورة البيضاءِ:

1 ) الطباشير لَنْ يَتطلّبَ أي عنايةِ خاصّةِ؛ بينما أقلام السبورة البيضاءِ يجب أنْ يتم غلقها بالغطاء جيداً بعد الاستعمال وإلاَّ تعرضت للجفاف والتلف الدائم.

2 ) الطباشير أرخصِ بكثير مِنْ أقلام السبورة البيضاءِ بمقارنة كمية الكتابة لكليهما.

3 ) الطباشير أسهلُ لرَسْم خطوطِ ذات الأوزانِ والسُمكِ المختلفِ مِنْ أقلام السبورة البيضاءِ.

   "حيث يمكن كتابة العناوين بالخط العريض باستخدام كامل إصبع الطباشير من جوانبها" 

4 ) يمكن رسم الخطوط السريعة والمنقطة  كما يُمْكِنُ أَنْ نرسم بها  بسرعة  دون قلق على تلفها رأسها كما يحدث في حال أقلام السبورة البيضاء .

5 ) الطباشير لَهُ رائحة معتدلة غير مهيجة، بينما أقلام السبورة البيضاءِ لَها في أغلب الأحيان رائحة لاذعة نفاذة  من المواد الكيماوية المتطايرة، والتي قد تسبب مشاكل صحية لبعضهم أو حتى إدمان البعض على شمها باستمرار.

6 ) الكتابة بالطباشيرِ أوضح وتباين أكبر وأفضلَ في أغلب الأحيان مِنْ أقلام السبورة البيضاءِ.

7 ) علامات الطباشير يُمْكِنُ أَنْ تمْحَى بسهولة من السبورة السوداء حتى ولو تركت الكتابة عليها لفترة طويلة؛ بينما الكتابة التي تُرِكتْ على السبورة البيضاء  لفترة،  قَدْ يصعب إزالتها حتى مع استخدام المواد الكيماوية لها.

8 ) الطباشير يُمْكِنُ أَنْ تزالَ آثارها بسهولة مِنْ معظم الملابس بدون عناء؛ بينما تُلطّخُ أقلام السبورة بيضاءِ الملابس في أغلب الأحيان بشكل دائم مما يؤدي إلى تلف تلك الملابس.

من سيئات استخدام الطباشير:

 1 ) يُنتجُ الطباشيرَ غباراً، كمية الغبار تَعتمدُ على نوعيةِ صناعة الطباشير ِالمستخدمة، بَعْض الناسِ لديهم حسّاسية تجاه هذا الغبار، وطبقاً للأكاديميةِ الأمريكيةِ للحساسيةِ والربو وعِلْمِ المناعة، هناك صلة وثيقة بين غبارِ الطباشيرِ وازدياد مشاكلِ الربو والحساسيةَ، مما أدى فيما بعد إلى ظهور الطباشير التي لا تغبّر (لا ينتج عنها الغبار Dustless chalk).

2 )  يمنع استعمال الطباشيرِ في أماكن تواجد الأجهزة الإلكترونية الحسّاسةِ مثل الكمبيوتر.

 

كيف ظهرت فكرة السبورة البيضاء إلى الوجود ومن ابتكرها ولماذا؟:

ظهرت السبورة البيضاء في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات في الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت من اختراع "مارتن هيت" وهو مصور عسكري ومحارب قديم، لاحظ الناس يتحدثون بواسطة الهاتف المثبت بالجدار ويكتبون الملاحظات وأرقام الهواتف على الجدار بجانب الهاتف، ومن خبرته في أفلام التصوير والكتابة على السلبيات "النيجاتيف" بأقلام يسهل مسح كتابتها، ابتكر السبورة البيضاء كسبورة ملاحظات توضع بجانب الهواتف الثابتة، منها بدأت تزحف إلى العالم بالتدريج، حتى طغت على سبورة الطباشير القديمة، وحتى الكتابة الإلكترونية على أجهزة الحاسوب (الكمبيوتر) المختلفة والرسائل النصيّة المكتوبة بواسطة الهواتف النقالة وغيرها ما هي إلا امتداد لفكرة السبورة البيضاء، أي الكتابة على سطح أبيض قابل للمسح وتكرار الكتابة عليه.  

 

السبورة البيضاء الإلكترونية:

مع انتشار ثورة الحاسوب التي عمت العالم والتي استغرقت حوالي عشرين عاماً لكي يحتل هذا الجهاز كلّ بيت تقريباً، قدمت شركة يابانية (السبورة الإلكترونية البيضاء) مع أقلامها الإلكترونية (بدون الأحبار السائلة المعتادة للسبورة البيضاء) ومعها إمكانية الطباعة على ورق كلّ ما يكتب عليها، وذلك في أواخر الثمانينات. وكذلك بدأت هواتف النقالة الكبيرة للسيارات تنتشر في العالم.

السبورات الذكية التفاعلية:

بعد ثورة الكمبيوتر، ظهرت ثورة الهواتف نتيجة الدمج بين الاتصالات وتقنية الحواسيب مما زاد في انتشار الإنترنت وبرامج المحادثة، كما صغر حجم الهواتف النقالة، وازدادت في تفاعلها مع مستخدميها، فظهرت ما يسمى بالهواتف الذكية، وازدادت معها فاعليتها واستجابتها لمستخدميها، فظهرت الهواتف الذكية التفاعلية المتطورة ذات شاشات تعمل بالمس بأصبع اليدّ، واستخدم صانعي السبورات البيضاء الإلكترونية نفس تلك التقنيات لصنع السبورات الذكية التفاعلية ذات شاشات تعمل باللمس ولها برامج خاصة بها مما يسمح بعرض كلّ ما يمكن أن يفعله ويظهره الكمبيوتر على شاشته أن يظهره على شاشة السبورة الذكية التفاعلية بالإضافة إلى مقدرتها على العمل اللمس إضافة إلى فأرة الحاسوب أو الأقلام الإلكترونية الملونة أو الأقلام  ذات تأثيرات مختلفة عند الكتابة بها التي تعرف "بالأقلام الابتكارية".  

 

مكونات منظومة السبورة الذكية التفاعلية:

  تتكون منظومة هذه السبورة من التالي:

 1 ) السبورة الذكية، وملحقاتها والبرامج الخاصة بها لتشغيلها والتي تأتي معها.

 2 ) جهاز الحاسوب (الكمبيوتر)، وملحقاتها مثل الفأرة ولوحة المفاتيح.. إلخ.

 3 ) جهاز عرض البيانات أو (الداتا شـو).

 

تعتبر السبورة الذكية التفاعلية من أحدث الوسائل المتطورة في العالم في مجال التقنيات التربوية، وهي تقنية ليست رخيصة الثمن، وتحتاج إلى عناية ورعاية خاصة من قبل القائمين عليها، هذا بالإضافة إلى الإعداد الجيّد للمعلمين والمعلمات وتفاعل الطلبة الإيجابي مع هذه الوسيلة ومساندة الأهالي وحثهم لأبنائهم على التعلم بهذه الوسائل بجدّ واهتمام وعدم اعتبارها أجهزة تسلية للعروض الضوئية العادية كالسينما وغيرها، وذلك لكي تعم الفائدة على الجميع ويزدهر الوطن ويفتخر بأبنائه المتعلمين الذين يمثلون الثروة الحقيقية لهذه البلاد.

ارسال التعليق

Top